ندى فضل الحاصلة على «نانسن 2024»: ندعم اللاجئين بالتدريب والتوعية.. ونعمل بجهود طوعية (حوار)
الحقوقية: «الجائزة» حمّلتنا عبئاً إضافياً
حوّلت الحقوقية السودانية، ندى شايب فضل، معاناتها الشخصية إلى مشروع إنساني مميز، يساهم في تحسين حياة اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، من خلال تقديم الدعم الطبي والمعلوماتي وتدريب النازحين من أجل إدماجهم وتوفير فرص عمل تُحسّن حياتهم المعيشية.
في عام 2015، وصلت ندى إلى مصر، حاملةً معها إصرارا على إعادة بناء حياتها بعد أن تركت وراءها وطنها الذي مزقته الحروب، ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها كامرأة لاجئة، استطاعت أن تساهم بشكل فعّال في تغيير حياة اللاجئين السودانيين، وذلك من خلال مبادرة روح التي أسستها.
«مبادرة روح» التي أطلقتها ندى ليست مجرد مشروع تقليدي، بل هي نموذج حي للعمل الإنساني، حيث تقدم خدمات متنوعة للاجئين تشمل الرعاية الصحية المجانية، والدورات التدريبية لتحسين المهارات، والمساعدات الغذائية، بالإضافة إلى الدعم الاجتماعي الذي يعد أساسيًا في مواجهة تحديات الحياة في بلد جديد.
فازت ندى مؤخرًا بجائزة نانسن للاجئ لعام 2024، وهي جائزة تمنحها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقديرًا لجهود الأفراد في دعم القضايا الإنسانية، وهي شهادة على الدور الحيوي الذي تقوم به في دعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة.
استطاعت ندى فضل، من خلال مبادرة روح، أن تصبح رمزًا للتضامن الإنساني، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
«جسور بوست» التقت ندى التي تحدثت عن عملها لتعزيز حقوق اللاجئين الاجتماعية، مثل الحق في العمل، والتعليم، والرعاية الصحية، ما يعزز اندماجهم في المجتمع المصري ويزيد من فرصهم في بناء مستقبلهم داخل بلد اللجوء.. وإلى نص الحوار…
كيف أثرت تجربة اللجوء على رؤيتكم الشخصية للعمل الإنساني؟ وكيف شكلت أساساً لمبادرة «روح» التي تديرينها؟
انطلقت فكرة المبادرة المجتمعية «روح»، من المعاناة المشتركة التي نعيشها جميعاً كلاجئين، سواء كنا سودانيين أو من جنسيات أخرى، والمشكلة الأساسية التي نواجهها جميعاً هي التهجير من بلدنا واللجوء إلى بلد آخر، وهذه المعاناة موحدة بيننا جميعاً، لذلك، قررنا تأسيس هذه المبادرة لنتمكن من تقديم المزيد من المعلومات والدعم للاجئين، ولأننا نعيش نفس المعاناة، فقد كان لدينا قدرة أكبر على فهمهم وتقديم المساعدة المناسبة.
وكيف تحولت مبادرة «روح» من فكرة بسيطة لمساعدة اللاجئين إلى مشروع مؤثر يدعم مئات الأسر السودانية اللاجئة؟
في البداية وجهنا جهودنا لدعم الأطفال اللاجئين من خلال توفير مساعدة دراسية لهم في منازلهم، حيث كنا نقدم لهم الدعم في واجباتهم المدرسية والاستعداد لامتحاناتهم، كما بدأنا نتطوع في حملات التطعيم، وفي مرحلة لاحقة، قمنا بزيارة كبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية صحية، ووجهناهم إلى المستشفيات والخدمات الطبية المتوفرة لهم.
ومع تصاعد الأزمة في السودان، بدأنا بتأسيس مقر للمبادرة وتوجيه اهتمامنا نحو تمكين المرأة وتوفير فرص العمل للشباب، كما بدأنا بتقديم الدعم للأسر من خلال توفير الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات التي تحسن من حياتهم.
ما الصعوبات التي واجهتكم في تأمين التمويل وإدارة المبادرة؟ وكيف تعملون على ضمان استمرارية العمل وسط هذه التحديات؟
في الوقت الحالي، نركز بشكل كبير على الأنشطة الخاصة بالنساء، حيث نقدم لهن تدريبًا على الخياطة، والرياضة، وتعلم الباترونات، والحرف اليدوية، ونوفر لهن خدمات للعناية بالشعر والبشرة، كما نقدم للأطفال دروسًا في الموسيقى والتعليم، لكن رغم أهمية هذه الأنشطة، نواجه صعوبة كبيرة في الحصول على التمويل، حيث نعتمد حتى الآن على الجهود الذاتية من المتطوعين، كما نحاول الحصول على دعم طبي من الأطباء المتطوعين، ولكن التمويل المادي المباشر لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا.
كيف تمكنتم من بناء شبكة من المتطوعين؟ وما الدور الذي يلعبه المجتمع المصري في دعم وخدمة مجتمع اللاجئين؟
المجتمع المصري له دور كبير في دعمنا، خاصة في مجال الخدمات الطبية، حيث تبرع العديد من الأطباء بإجراء العمليات الجراحية وبعض العلاجات الأخرى، إلا أن التحديات التي يواجهها اللاجئون السودانيون في التكيف مع المجتمع المصري أكبر من تلك التي يواجهها بعض الجنسيات الأخرى، لذلك نحن نركز على زيادة جلسات التوعية التي تهدف إلى تسهيل عملية الاندماج والتكيف مع المجتمع المصري، ونحاول أن نكون الجسر الذي يربط بين المجتمعين.
في ظل التحديات التي تميز حياة اللاجئين السودانيين عن غيرهم.. ما الخدمات الخاصة التي توفرونها لهم؟
لا تزال تجمعات اللاجئين السودانيين تتركز في القاهرة والإسكندرية، حيث يفضلون العيش معًا في نفس المناطق لمواجهة التحديات المشتركة بشكل جماعي، هذا التمركز يساعدهم على التكيف بشكل أسرع ولكنه أيضًا يجعلهم يواجهون صعوبة أكبر في الاندماج مع المجتمع، ورغم ذلك، نحن نعمل على تسهيل اندماجهم من خلال الندوات التوعوية التي نركز فيها على التعايش المشترك.
وعلى الرغم من هذه التحديات، نواصل العمل بلا كلل لدعم هؤلاء اللاجئين، حيث نقدم خدمات التدريب في مجالات مثل الطبخ، والخياطة، والعناية بالبشرة، ما يساعد المشاركين على تحسين مهاراتهم وفتح أبواب جديدة لتحسين ظروفهم المعيشية، وفي الوقت الحالي، بدأ العديد من المتدربين في التحول إلى مدربين، وهو ما يعكس نجاح المبادرة في مساعدة الناس على تطوير أنفسهم.
بعد فوزكم بجائزة نانسن للاجئين، ما طموحاتكم المستقبلية لتوسيع نطاق مبادرة “روح” لدعم اللاجئين؟
الجوائز التي حصلنا عليها مثل جائزة "نانسن" للاجئين عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت بمثابة دافع قوي لنا للاستمرار، لكنها شكلت تحديًا أكبر بالنسبة لنا، حيث أصبحت التوقعات أكبر، ونحن نواصل العمل بجد لتوسيع نطاق مبادرتنا، وحاليًا، نخطط لفتح فروع جديدة في الإسكندرية، ونأمل أن نتمكن من توسيع خدماتنا في القاهرة وفي مناطق أخرى.
كيف أثر التصعيد العسكري في السودان على أعداد اللاجئين؟ وما المخاطر التي يواجهونها في طريقهم إلى مصر؟
مع تصاعد الحرب والأزمة الإنسانية، ارتفعت أعداد اللاجئين بشكل ملحوظ، مما يجعل من الصعب تقديم الخدمات اللازمة لهم جميعا، كما أن الأعداد المتزايدة فرضت تحديات إضافية على قدرة المجتمع المصري على استقبالهم وتقديم الدعم المناسب.
ويلجأ العديد من اللاجئين إلى الهروب من الحرب في السودان والنزوح إلى مصر بطرق غير شرعية، ما يعرضهم لمخاطر كبيرة في طريق النزوح، ورغم ذلك، يرون في اللجوء الحل الأفضل، نظرًا لارتفاع تكاليف العيش في السودان، والتي تدفعهم لبيع ممتلكاتهم للحصول على المال اللازم للوصول إلى مصر.